#علم_البلاغة
#المحسنات_اللفظية
السجع شروط حسنة, حكمه, أقسامه:
🔺السجع
هو في المنثور بإزاء التصريع الآتي بيانه في المنظوم،
وهو لغه من قولهم: سجعت الناقة إذا مدت حنينها على جهة واحدة،
واصطلاحا أن تتواطأ الفاصلتان في النثر على حرف واحد.
🔺شروط حسنة:
لا يحسن السجع كل الحسن إلا إذا استوفى أربعة أشياء:
1⃣ أن تكون المفردات رشيقة أنيقة خفيفة على السمع.
2⃣ أن تكون الألفاظ خدم المعاني، إذ هي تابعة لها، فإذا رأيت السجع لا يدين لك إلا بزيادة في اللفظ، أو نقصان فيه، فاعلم أنه من المتكلف الممقوت.
3⃣ أن تكون المعاني الحاصلة عند التركيب مألوفة غير مستنكرة.
4⃣ أن تدل كل واحدة من السجعتين على معنى يغاير ما دلت عليه الأخرى حتى لا يكون السجع تكرارا بلا فائدة.
ومتى استوفى هذه الشروط كان حلية ظاهرة في الكلام، ومن ثم لا تجد لبليغ كلاما يخلو منه كما لا تخلو منه سورة، وإن قصرت، بل ربما وقع في أوساط الآيات، كقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} 1.
🔺أقسامه:
هو على ثلاثة أضرب: مرصع، ومتواز، ومطرف:
1⃣ فالمرصع:
ما اتفقت ألفاظ إحدى الفقرتين أو أكثرها في الوزن والتقفية كقول الحريري :
«فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، وقول أبي الفتح البستي: ليكن إقدامك توكلا، وإحجامك تأملا».
2⃣ والمتوازي
ما اتفق فيه الفقرتان في الكلمتين الأخيرتين نحو قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا، فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} 2، وقوله عز وعلا: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} 3.
3⃣ والمطرف
ما اختلفت فاصلتاه في الوزن واتفقتا في الحرف الأخير نحو: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} 4، وقوله: جنابه محط الرحال، ومخيم الآمال.
#تنبيهات:
#الأول:
أحسن السجع ما تساوت قرائنه كقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} 3، ثم ما طالت قرينته الثانية كقوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 4، أو الثالثة، نحو قوله عز وعلا: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} 5،
فلا يحسن أن تكون القرينة الثانية أقصر من الأولى كثيرا؛ لأن السجع إذا استوفى أمده في الأولى بطولها وجاءت الثانية أقصر منها كثيرا، يكون كالشيء المبتور، يؤيد ذلك الذوق السليم.
#الثاني:
الأسجاع مبنية على سكون أواخرها؛ لأن المزاوجة بين الفقر في جميع الصور لا تتم إلا بالوقف، ألا ترى أنك لو وصلت قولهم: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت، لم يكن بد من إعطاء أواخر القرائن ما يستلزمه حكم الإعراب فتختلف أواخرها ويفوت السجع.
#الثالث:
يقال للجزء الواحد من السجع سجعة، وجمعها سجعات، وفقرة وجمعها فِقَر وفقَرات وفقْرات، وقرينة لمقارنة أختها، وتجمع على قرائن، وللحرف الأخير منها حرف الروي أو الفاصلة.
#الرابع:
ربما غيرت الكلمة عن موضوعها في تصريف اللغة طلبا للسجع والمزاوجة بين الكلمة وأخواتها، ألا ترى قوله عليه السلام في تعويذه لابن ابنته:
"أعيذه من الهامة والسامة، والعين اللامة"، وأصلها الملة؛ لأنها من ألم، فعبر عنها باللامة لموافقة ما قبلها،
وقوله للنساء: "انصرفن مأزورات غير مأجورات"، والأصل موزورات أخذا من الوزر، لكنه قال ذلك لمكان مأجورات.
#الخامس:
يرى بعض العلماء ومنهم الباقلاني وابن الأثير كراهة إطلاق السجع على القرآن الكريم؛ لأنه نوع من الكلام يعتمد الصنعة وقلما يخلو من التكلف والتعسف، إلى أنه مأخوذ من سجع الحمام، وهو هديره، وإنما يقال في مثل ذلك فواصل، أخذا من قوله تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} 6.
#السادس:
يرى بعضهم أن السجع غير مختص بالنثر، بل يكون في النظم، كقول أبي تمام يمدح أبا العباس نصر بن بسام:
تجلى به رشدي وأثرت به يدي ...
وفاض به ثمدي وأورى به زندي
وقول الخنساء:
حامي الحقيقة محمود الخليفة ...
مهدي الطريقة نفاع وضرار
جواب قاصية جزار ناصية ...
عقاد ألوية للخيل جرار
وقول الآخر:
ومكارم أوليتها متورعا ... وجرائم ألغيتها متبرعا
ومنه على هذا الرأي التشطير، وهو أن يجعل في كل من شطري البيت سجعتان على روي مخالف لروي سجعتي الشطر الآخر كقول أبي تمام:
تدبير معتصم بالله منتقم ...
لله مرتغب في الله مرتقب
فالشطر الأول محتو على سجعتين مبنيتين على الميم، والثاني محتو على سجعتين مبنيتين على الباء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة القمر الآية: 1.
2 سورة الأنفال الآيتان: 43، 44.
3 سورة الواقعة الآية: 28.
4 سورة النجم الآية: 1.
5 سورة الحاقة الآية: 30.
6 سورة فصلت الآية: 3.
#المحسنات_اللفظية
السجع شروط حسنة, حكمه, أقسامه:
🔺السجع
هو في المنثور بإزاء التصريع الآتي بيانه في المنظوم،
وهو لغه من قولهم: سجعت الناقة إذا مدت حنينها على جهة واحدة،
واصطلاحا أن تتواطأ الفاصلتان في النثر على حرف واحد.
🔺شروط حسنة:
لا يحسن السجع كل الحسن إلا إذا استوفى أربعة أشياء:
1⃣ أن تكون المفردات رشيقة أنيقة خفيفة على السمع.
2⃣ أن تكون الألفاظ خدم المعاني، إذ هي تابعة لها، فإذا رأيت السجع لا يدين لك إلا بزيادة في اللفظ، أو نقصان فيه، فاعلم أنه من المتكلف الممقوت.
3⃣ أن تكون المعاني الحاصلة عند التركيب مألوفة غير مستنكرة.
4⃣ أن تدل كل واحدة من السجعتين على معنى يغاير ما دلت عليه الأخرى حتى لا يكون السجع تكرارا بلا فائدة.
ومتى استوفى هذه الشروط كان حلية ظاهرة في الكلام، ومن ثم لا تجد لبليغ كلاما يخلو منه كما لا تخلو منه سورة، وإن قصرت، بل ربما وقع في أوساط الآيات، كقوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} 1.
🔺أقسامه:
هو على ثلاثة أضرب: مرصع، ومتواز، ومطرف:
1⃣ فالمرصع:
ما اتفقت ألفاظ إحدى الفقرتين أو أكثرها في الوزن والتقفية كقول الحريري :
«فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، وقول أبي الفتح البستي: ليكن إقدامك توكلا، وإحجامك تأملا».
2⃣ والمتوازي
ما اتفق فيه الفقرتان في الكلمتين الأخيرتين نحو قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا، فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} 2، وقوله عز وعلا: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} 3.
3⃣ والمطرف
ما اختلفت فاصلتاه في الوزن واتفقتا في الحرف الأخير نحو: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} 4، وقوله: جنابه محط الرحال، ومخيم الآمال.
#تنبيهات:
#الأول:
أحسن السجع ما تساوت قرائنه كقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} 3، ثم ما طالت قرينته الثانية كقوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 4، أو الثالثة، نحو قوله عز وعلا: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} 5،
فلا يحسن أن تكون القرينة الثانية أقصر من الأولى كثيرا؛ لأن السجع إذا استوفى أمده في الأولى بطولها وجاءت الثانية أقصر منها كثيرا، يكون كالشيء المبتور، يؤيد ذلك الذوق السليم.
#الثاني:
الأسجاع مبنية على سكون أواخرها؛ لأن المزاوجة بين الفقر في جميع الصور لا تتم إلا بالوقف، ألا ترى أنك لو وصلت قولهم: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت، لم يكن بد من إعطاء أواخر القرائن ما يستلزمه حكم الإعراب فتختلف أواخرها ويفوت السجع.
#الثالث:
يقال للجزء الواحد من السجع سجعة، وجمعها سجعات، وفقرة وجمعها فِقَر وفقَرات وفقْرات، وقرينة لمقارنة أختها، وتجمع على قرائن، وللحرف الأخير منها حرف الروي أو الفاصلة.
#الرابع:
ربما غيرت الكلمة عن موضوعها في تصريف اللغة طلبا للسجع والمزاوجة بين الكلمة وأخواتها، ألا ترى قوله عليه السلام في تعويذه لابن ابنته:
"أعيذه من الهامة والسامة، والعين اللامة"، وأصلها الملة؛ لأنها من ألم، فعبر عنها باللامة لموافقة ما قبلها،
وقوله للنساء: "انصرفن مأزورات غير مأجورات"، والأصل موزورات أخذا من الوزر، لكنه قال ذلك لمكان مأجورات.
#الخامس:
يرى بعض العلماء ومنهم الباقلاني وابن الأثير كراهة إطلاق السجع على القرآن الكريم؛ لأنه نوع من الكلام يعتمد الصنعة وقلما يخلو من التكلف والتعسف، إلى أنه مأخوذ من سجع الحمام، وهو هديره، وإنما يقال في مثل ذلك فواصل، أخذا من قوله تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} 6.
#السادس:
يرى بعضهم أن السجع غير مختص بالنثر، بل يكون في النظم، كقول أبي تمام يمدح أبا العباس نصر بن بسام:
تجلى به رشدي وأثرت به يدي ...
وفاض به ثمدي وأورى به زندي
وقول الخنساء:
حامي الحقيقة محمود الخليفة ...
مهدي الطريقة نفاع وضرار
جواب قاصية جزار ناصية ...
عقاد ألوية للخيل جرار
وقول الآخر:
ومكارم أوليتها متورعا ... وجرائم ألغيتها متبرعا
ومنه على هذا الرأي التشطير، وهو أن يجعل في كل من شطري البيت سجعتان على روي مخالف لروي سجعتي الشطر الآخر كقول أبي تمام:
تدبير معتصم بالله منتقم ...
لله مرتغب في الله مرتقب
فالشطر الأول محتو على سجعتين مبنيتين على الميم، والثاني محتو على سجعتين مبنيتين على الباء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة القمر الآية: 1.
2 سورة الأنفال الآيتان: 43، 44.
3 سورة الواقعة الآية: 28.
4 سورة النجم الآية: 1.
5 سورة الحاقة الآية: 30.
6 سورة فصلت الآية: 3.
إرسال تعليق
0تعليقات